المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة  | اتصل بنا

المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة

آراء و مقالات

يعد التعليم اللبنة التي تُبنى عليها حضارات الأمم، وتنطلق عجلة تنميتها من مكونه الثقافي الهادي للعقول المحصلة لمفرداته، ولا يمكن لأمة تأخر تعليمها أن تلحق بركب الحضارات، فضلًا عن مزاحمتها لاحتلال موقع في الصدارة. وإصلاح التعليم ضرورة لا تنفك عن تجديد الفكر الديني، بل ترتبط به ارتباطًا وثيقًا، فمن محاور التعليم الرئيسة تعليم المبادئ والقيم الدينية ومعرفة أحكام الأصول والفروع والقواعد الضابطة للتفكير والنظر، فهو فيما يتعلق بالجانب الديني لا يقتصر على مجرد التعلم لما هو معلوم، وإنما يؤسس لتكوين ملكة التفكير والتأمل ليتعامل المتعلم بنفسه بعد اكتمال تكوينه العلمي مع القضايا التي تعرض له بنوع من التدبر، وتكون لديه القدرة على فهم وتعلم ما لم يتعلمه من قبل، فإن رسخ في العلم وارتقى درجات عالية من الفهم ربما تكونت لديه قدرة الاستنتاج والاستنباط كشيوخه الذين تعلم على أيديهم، بل ربما سبقهم وتفوق عليهم لرجاحة عقله على عقولهم. ومما لا ينكره منصف أن التعليم في بلادنا يمر بأزمة حقيقية نتيجة…
التعَدُّديَّة بينَ النَّاس واختلافُهم طبيعة قرَّرها القُرآن الكَريم، ورتَّب عليها قَانُونَ العَلاقَة الدَّوليَّة فى الإسلام، وهو «التَّعَارُف» الذى يَسْتَلزم بالضَّرورَة مبدأ الحوار مع من نتفق ومن نختلف معه، وهذا ما يَحتاجه عالَمُنا المُعاصِر -الآن- للخروج من أزماته الخانقة، ومن هنا كان من الصعب على المسلم أن يتصوَّر صَبَّ النَّاس والأُمَم والشعوب فى دين واحد أو ثقافة واحدة، لأن مشيئة الله قضت أن يخلق الناس مختلفين حتى فى بصمات أصابعهم، يقول القرآن: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين”، والمؤمن بالقرآن لا يرتاب فى أنه ليس فى إمكان قوَّة ولا حضارة أن تُبدِّل مَشِيئة الله فى اختلاف النَّاس، وينظُر إلى النَّظَريَّات الَّتى تحلم بجمع الناس على دين واحد أو ثقافة مركزية واحدة نظرته إلى أحلام اليقظة أو العبث الذى يُداعِب أحلام الطفولة. ويمكن هنا أن ألفت النظر إلى أمرين لا يمكن تفاديهما فى أى تلاقٍ بين الشرق والغرب، وعلى أى مستوى جاد من مستويات هذا التلاقى: الأمر الأول:…
الإثنين, 24 نيسان/أبريل 2017 10:27

الحــب الجميــل - أ.د/ محمد مختار جمعة

لا شك أن الله (عز وجل) جميل يحب الجمال في الأمر كله , وأن الإسلام قائم على حب الخير للناس جميعًا , وأن رسالة نبينا (صلى الله عليه وسلم) جاءت رحمة للعالمين , حيث يقول سبحانه : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” (الأنبياء : 107) . الحب الجميل يبدأ بحب الله (عز وجل) , وحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , ثم حب الخير للناس جميعًا , فقد سأل أحد الناس سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) متى الساعة ؟ فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) وما أعددت لها؟ , فقال الرجل : حب الله وحب رسول الله , فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : أنت مع من أحببت. ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ والِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ” (متفق عليه) , وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ…
يتحرج بعض المسلمين من التعامل مع غير المسلمين في الأمور الحياتية كالبيع والشراء وإيجار المساكن والإجارة على الأعمال كالبناء والنجارة والحدادة وغيرها بدعوى أنهم من غير المسلمين، وأن دفع الأموال لهم لا يجوز، أو أن أموالهم «غير طيبة»، فلا يجوز أخذها كثمن للسلع أو أجرة القيام بأعمال تخص المسلمين، وكأنه مطلوب من المسلم ليبرهن على قوة إسلامه تجنب غير المسلمين ومقاطعتهم بشكل كامل وقصر تعاملاته على أبناء دينه المسلمين حتى وإن كانت بضاعتهم أقل جودة وأغلى ثمنا من بضاعة غير المسلمين. وحتى لو كانت مهارة غير المسلم في إنجاز الأعمال أكثر جودة وأسرع إنجازا من جودة المسلم وإنجازه في ذات حرفته أو تجارته! وهذا منطق يدل على جهل كبير بديننا الإسلامي الحنيف الذي لم يأمر في نص من نصوص الكتاب أو السنة بمقاطعة غير المسلمين الذين لا يناصبوننا العداء، بل على العكس من ذلك، فقد نفى كتاب الله عن المسلمين الحرج في علاقتهم بغير المسلمين، حيث يقول تعالى: «لا يَنْهَاكُمُ…
الثلاثاء, 18 نيسان/أبريل 2017 12:30

خدمة القرآن - أ.د/ محمد مختار جمعة

خدمة القرآن الكريم شرف لكل مسلم ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم):”خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ” (صحيح البخاري) ، وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ” (سنن ابن ماجه) . على أن كل من سخَّر نفسه لخدمة كتاب الله (عز وجل) أكرمه الله في الدنيا والآخرة ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “يقالُ لصاحبِ القرآن: اقرَأ وارتَقِ، ورتِّل كما كُنْتَ ترتِّل في الدُنيا ، فإن منزِلَكَ عندَ آخرِ آية تقرؤها” (سنن أبي داود) ، وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَاجًا ضَوؤُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا وَكَانَتْ فِيهِ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهِ” ، ويقول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ” يَجِيءُ القُرْآنُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ…
لست أدري كيف يستطيع الإرهابيون إقناع شخص مقبل على الحياة بقتل أبرياء بغير حق من خلال زرع المتفجرات في طريقهم أو أماكن تجمعاتهم، أو من خلال ارتداء حزام ناسف مع ما يقتضيه من أن يموت معهم؟! كيف جرى إقناع هذا الفتى العشريني الذي كان ينبغي أن يكون على مقعد دراسته أو جنديًّا يذود عن وطنه ويسعى لنهضته، أن يفجر نفسه بين نساء وأطفال أبرياء يؤدون صلاتهم في أمان وسكينة؟! كيف استطاعوا أن يقنعوا ضابطًا في ريعان شبابه أن يقتل بدم بارد السفير الروسي في أنقرة، والأغرب من ذلك ما بدا عليه من ثبات انفعالي وهو يلقي خطبته التي هي أشد إيلامًا من واقعة القتل ذاتها؛ لما انطوت عليه من إساءة للإسلام ورسوله الكريم؟! فلست أدري عن أي مبايعة كان يتحدث، وبأي جهاد كان يهذي، وأي انتصار حققه ليكبر ثلاثًا! ومثل هذا يقال عن قاتلي جنودنا في سيناء وغيرها، وعن قاتلي المدنيين في شوارع المحروسة ومحافظاتها، بل في العالم أجمع. ولست…
لقد سعت الشريعة الإسلامية إلى تحقيق الأمن والطمأنينة في حياة الأفراد والمجتمعات، واتخذت في سبيل حفظ نفوسهم وأموالهم وأعراضهم عدة إجراءات تحفظية، وتدابير وقائية من شأنها أن تحفظ على المكلفين سلامتهم، وتحقق لهم عافيتهم التي يرجون. وعلى الرغم من تعدد صور الإرهاب المعاصر واختلاف البواعث الحاملة عليه، وتفاوت آثاره باختلاف جرائمه، إلا أن الشريعة الإسلامية لم تتوان في حسم مادة شره، والحيلولة دون تفشي أضراره، سواء أكان هذا الإرهاب يمارسه فرد، أم تنظمه جماعة، أم تقوم به دولة. وحديثنا هنا عن الجماعات الإرهابية التي انتهجت العنف وترويع الآمنين مسلكًا لتحقيق مآربها التي لا علاقة لها بالرسالات السماوية، ولا بالأعراف الوضعية التي يتبعها عموم البشر، مستغلين العاطفة الدينية للشباب المسلم خاصة، علهم يستميلونهم إلى صفوفهم لتكثير سوادهم وتقوية شوكتهم، حيث تسوق هذه الجماعات نفسها على أنها من المسلمين الذين يعملون لرفع راية الإسلام، ومقاومة طغيان الحكام، ليعم العدل وينعم المسلمون بخيرات بلادهم، دون تفرقة بين فئة وأخرى! وحقيقة الأمر أن هذه…
الإثنين, 10 نيسان/أبريل 2017 14:38

الأرضون السبع بين العلم والقرآن

د. حسني حمدان الدسوقي حمامة أ- من تفسير القرآن الكريم: كلمة السماء ذُكرت في القرآن الكريم 120 مرة؛ منها ما يعبر عن المفرد، ومنها ما يعبر عن المصدر، ووردت كلمة السموات 190 مرة، أما كلمة الأرض فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم 451 مرة معرفة بالألف واللام، وعشر مرات بدون الألف واللام بصيغ المضاف إليه، ووردت جميعها بصيغة المفرد. ونعلم أيضًا من القرآن أن الله خلق سبع سماوات، أما عدد الأرضين فلم ترد لها إشارة في القرآن إلا مرة واحده، في الآية الأخيرة من سورة الطلاق؛ حيث يقول تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]، وكانت "مثلهن" مفتاحَ وحجر الزاوية في تأويل المفسرين، وفي عجالة سريعة سأعرض قول المفسرين في هذا الشأن: 1- بالرجوع إلى تفسير الجامع لأحكام القرآن الكريم، وجدت الآتي: "ولا خلاف في السموات أنها…
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وبعد: فقد تناول المؤتمر الفكري العالمي الذي عقده الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين على أرض مصر الكنانة تحت عنوان: (الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل)، موضوعًا أصبحت معالجتُه اليوم ضرورةً مُلِحَّةً، خاصة في ظل ما يموج به العالمُ اليوم من فتن واضطرابات يحاول بعض أصحاب المصالح والأهواء هنا وهناك أن يلصقوها بالرسالات السماوية وهي منها براء؛ فجوهر الرسالات السماوية كافة الدعوة إلى الخير والسَّلام للبشرية جمعاء. وبالنظر في تاريخ البشر منذ عرفوا الرسالات السماوية لا نجد دينًا إلا وقد استخدمه بعض أتباعه استخدامًا خاطئًا، فجعلوه سببًا لنشوب النزاعات أو وقودًا لإشعالها وتعقيدِها. وعلى الرغم من أن شريعة الإسلام آخر الشرائع السماوية تاريخيًّا، فإنني في إطار معالجة الموضوع الذي نحن بصدده هنا، سأبدأ بما ارتكبه بعض المنتمين لها نفيًا لتهمة التحيز أو التحامل على أتباع الديانات الأخرى؛ فقد كان الخوارج الذين خرجوا على سيدنا عَلِيٍّ - رضي الله عنه…
الأربعاء, 05 نيسان/أبريل 2017 14:01

التجديد.. واختلاف الفقهاء - أ.د / عباس شومان

ذكرنا في مقالة سابقة أن محل الخلاف بين الفقهاء ينحصر في المسائل الفرعية، ولا خلاف بينهم في أحكام المسائل الأصلية التي حُسمت بالنصوص قطعية الدلالة في الكتاب والسنة. والمسائل الفرعية لا يقصد بها تلك المسائل التي لم يرد فيها نص من كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد تكون المسألة محل خلاف بين الفقهاء مع ورود آية أو أكثر تتعلق بها في كتاب الله، والفرق بين المسائل الفرعية حينئذ وبين المسائل الأصلية أن المسائل الأصلية نصوصها قطعية في دلالتها ولا تحتمل التأويل، كقول الله تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ»، فلا تحتمل الآية إلا فرضية الصلاة وفرضية الزكاة، لورودها بصيغة الأمر الدالة على الوجوب، حيث لا قرينة تصرف إلى معنى آخر من معاني الأمر كالاستحباب مثلا، وهذا الحسم الوارد في الآية غير موجود في قوله تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ»، فمع أن الآية واردة بنفس صيغة الأمر التي دلت على…
الصفحة 9 من 16