المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة  | اتصل بنا

المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة

 بعد أن أصبح المسجد القديم لا يستوعب الأعداد الهائلة من المصلين تم بناء هذا المسجد والذي بدأ الشروع في تجسيده ميدانيا، عن طريق جمعية اتحاد الطلبة المسلمين في ستراسبورغ.

قصة بناء المسجد، حسب السيد والقاضي مصطفى، أمين المال المكلف بجمع التبرعات (مغربي الجنسية)’ وطاف بها في كل أرجاء المسجد، بدأت بمجرد فكرة راودت ثلة من المصلين يوم 11 نوفمبر 1991، وبالتحديد فور الفراغمن آداء صلاة الصبح آنذاك، حيث ”طرح بعض الإخوة مبادرة مفادها بناء مسجد جديد،فإن الرهان الأول الذي كان على القائمين على المشروع تخطيه لتجاوز كل العقبات الممكنة، هو تهيئة الرأي العام الفرنسي، وبالتحديد التمثيليات الدينية الأخرى، حيث تم عقد عدة مؤتمرات حول فكرة المشروع، احتضنها البرلمان الأوروبي الكائن مقره في مدينة ستراسبورغ، انتهت بتوقيع كل التمثيليات، بما فيها تمثيلية الجالية اليهودية، على موافقتها على المشروع الذي تم وضع حجر أساسه الرمزي في 2004 بعد أن تم استصدار رخصة البناء الأولى في أكتوبر .2003.

والمحكمة الدولية، كان التحدي يكمن في توفير الاعتمادات المالية المطلوبة، وهو الأمر الذي بدأ يتجسد بفعل تحمس الجالية المسلمة للمشروع، إذ أوضح ذات المتحدث بأنه ”تم جمع تبرعات من المصلين في بداية الأمر، شارك فيها ثلاثة آلاف محسن بقيمة عشرة آلاف فرنك فرنسي آنذاك للمتبرع الواحد، أي ما يعادل ثلاثة ملايين فرنك، باعتبار أن هناك شخصين، مثلا، باعا منزلين لهما وتبرّعا بقيمتهما المالية، بالإضافة إلى مصوغات النسوة، فضلا عن التبرعات المتواصلة أيام الجمعة وفي المناسبات الدينية، على غرار ليلة واحدة من ليالي رمضان التي شهدت تحطيم الرقم القياسي بجمع ما يعادل 220 ألف أورو، ما سمح بانطلاقة مميزة للمشروع، خاصة أن مصالح بلدية ستراسبورغ ساهمت بالأرضية المقدرة مساحتها بأكثـر من هكتارين، ومساهمة مالية بقيمة 10 في المائة من الكلفة الإجمالية، مقابل 8 بالمائة ساهم بها المجلس العام.

وعندما تزور المسجد، تكتشف العبقرية الهندسية لمصمّمه المهندس العالمي ”باولو بورتيغيزي” الذي كان وراء تصميم مسجد روما العتيق، والذي انتهي لتصميم هذا المسجد الذي شيد بوسط المدينة  والذي يحظي بقبته الضخمه المذهبة التي يصل ارتفاعها إلى 24 مترا وأعمدته الثمانية وألوانه الرمادية والبيضاء، وتشبه إلى حد كبير القبة النحاسية للمسجد الأقصى، يقدر وزنها بـ35 طنا من الحديد والنحاس، الأمر الذي دفع الشركة المكلفة بالإنجاز إلى جلب أكبر رافعة موجودة بأوروبا بأكملها لتثبيتها فور الفراغ من صناعتها في أحد معامل منطقة الألزاس.
والمُلفت للانتباه في المسجد أنه رغم وجود قاعة صلاة ضخمة تبلغ مساحتها الإجمالية 1100 متر مربع (زائد 250 متر مربع للنساء)، ما يؤهلها لتكون أكبر قاعة صلاة في فرنسا كلها، إلا أنك لا تجد أي أثـر للأعمدة والسواري، وهي تقنية بناء أولى من نوعها تم تجسيدها في هذا الصرح، حيث أن القبة الضخمة مثبتة عن طريق نظام شدّ حديدي من الجوانب الأربعة للمسجد التي تحمل شكل نصف قوس، يذهل المرء لمشاهدته. في حين حرص القائمون على الإنجاز على إضفاء الزخرفة داخل المسجد وفي جوانب المحراب، تحمل آيات قرآنية وأسماء الله الحسنى، عكف على نقشها سبعة فنانين متخصصين تم استقدامهم لهذه المهمة من المغرب، بالإضافة إلى الزخرفة المغربية المُثبتة في الجدران في شكل قطع صغيرة تشبه الفسيفساء، تحمل أشكالا هندسية خلاّبة تم استيرادها بشكل خاص بمجموع 600 ألف قطعة.
وتكلف هذا المبنى مع اقسامه الادارية والتقنية وقاعات الصلاة .10 ملايين أورو ممولة من هبات المحسنين والجماعات الترابية والمانحين الأجانب والجمعيات المحلية، والتي يسمح لها بذلك قانون اقليمي لمنطقة الالزاس، بنسبة 26%، الحكومة المغربية بنسبة 37% والمملكة العربية السعودية والكويت بنسبة 14بالمائة، على مساحة تفوق 10 آلاف متر مربع بني منها أزيد من 2700 متر مربع، ليستقبل 1500 من المصلين، 500 منهم من النساء، أي أكبر مساحة مخصصة للصلاة في مساجد فرنسا.
فبعد أزيد من عشرين سنة من العمل والمثابرة لمؤسسيه المغاربة على الخصوص، والذين يدعمهم عمدة المدينة الاشتراكي رولان ري، تم أخيرا بناء المسجد الكبير بستراسبورغ ليتيح لمسلمي المدينة ومنطقة الالزاس مكانا محترما لممارسة شعائرهم ومصدرا للفخر والاعتزاز.